شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شرح لمعة الاعتقاد
194835 مشاهدة
من حق النبي على الأمة: الاقتداء به

كذلك من حقوقه: التأسي به.
يعني اتخاذه أسوة وقدوة؛ ففي أفعاله دليل ذلك قول الله تعالى: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وكذلك كل ما جاءنا عن الأنبياء قبله فإن لنا فيهم أسوة، قال تعالى: قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ .
أي: أسوة في البراءة من المشركين ولو كانوا أقارب، وكذلك الأسوة العامة والقدوة العامة بالنبي صلى الله عليه وسلم: أن كل ما فعله فإنه من شرعه؛ إما أن يدل على الوجوب أو على الاستحباب أو على الإباحة، وكل ما نهى عنه فإنه يدل إما على التحريم وإما على الكراهة، وبذلك أمر الله بتقبل ذلك؛ قال تعالى: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا .
فكل شيء أمركم به فخذوه واقبلوه؛ فإنه من شريعته، وكل شيء نهاكم عنه فابتعدوا عنه؛ فإنه مما نهى عنه ومما حرمه، وكل ما حرمه فإنه من شرع الله الذي حرمه على لسان نبيه، وكل شيء أمر به فإنه من شرعه الذي أمره الله تعالى به؛ فتقبلوا ما جاء به، وامتثلوا ما أمركم به، واتركوا ما نهاكم عنه ومن جاءت في السنة النبوية فتركها وهو يعلم فضلها فإنه على خطر؛ ولذلك ورد أنه قال الله تعالى: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ .
ذكر للإمام أحمد أن بعض الناس يقلدون في دين الله وهم يعرفون السنة؛ فيتبعون الآراء كرأي سفيان الثوري وغيره ويجعلونه مقدما ودليلا فقال رضي الله عنه: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته ويذهبون إلى رأي سفيان والله تعالى يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم أتدري ما الفتنة؟ الفتنة الشرك، لعله إذا رد بعض قوله أن يقع في قلبه شيء من الزيغ فيهلك.
يعني: إذا رد قول النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون من الزائغين الذين قال الله: فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا .
فهذه أدلة تدل على حق النبي صلى الله عليه وسلم:
أولا: الإيمان به، وثانيا: محبته، وثالثا: اتباعه، ورابعا: طاعته، وخامسا: التأسي به، وسادسا: تقبل ما جاء به، وسابعا: الحذر من مخالفة سنته وشريعته، وثامنا: احترام أقواله وأفعاله.